خلال أغسطس، كان الفاعلون العالميون والإقليميون منشغلين بمحاولات دبلوماسية مستمرة لتهدئة التوترات وتجنب حرب شاملة بين إسرائيل وإيران وحزب الله بعد مقتل قائد حماس إسماعيل هنية في طهران. كان تبادل الصواريخ المكثف ولكن القصير في 25 أغسطس ملحوظًا من قبل كل من حزب الله وإسرائيل كنجاح استراتيجي، ومرة أخرى لم يتطور إلى الحريق الإقليمي الذي توقعه الدبلوماسيون والمسؤولون ووسائل الإعلام. يرى الوسطاء الرئيسيون، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن صفقة تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار هي الوسيلة الأفضل وربما الوحيدة لتجنب حرب إقليمية أوسع، مع إشارة المسؤولين الإيرانيين إلى أنهم سيقومون بتعديل ردهم على اغتيال هنية إذا تم التوصل إلى صفقة.

ومع ذلك، تواصل إسرائيل التمسك بمواقف غير قابلة للتوفيق بشأن الصفقة، وبخاصة بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر فيلادلفيا. وقد تردد هذا التعنت في أعقاب الأخبار التي تفيد بمقتل ستة رهائن إسرائيليين آخرين في غزة، حيث يتبادل الجانبان مرة أخرى اللوم على فشل التوصل إلى صفقة. ونقلت تقارير عن اجتماع وزاري إسرائيلي حديث حول القضية عن وزير الدفاع يوآف غالانت قوله إن قرار الحكومة الإسرائيلية الاحتفاظ بوجودها في ممر فيلادلفيا يعني التنازل عن أحد الأهداف المركزية المعلنة لإسرائيل في الحرب: إعادة الرهائن أحياء.

خلال زيارة له إلى تركيا هذا الشهر، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن نيته زيارة قطاع غزة لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة. ستكون مثل هذه الزيارة رمزية لكل من الوحدة الفلسطينية وكذلك اهتمام السلطة الفلسطينية في استعادة الشرعية والسلطة في قطاع غزة. ومع ذلك، فإنها تتطلب تنسيقًا مع كل من إسرائيل وحماس.

وفقًا للكاتب الفلسطيني محمد يونس، "تشير هذه المطالبة إلى أن السلطة الفلسطينية تقوم بمحاولة جديدة للعودة إلى غزة بعد هذه الحرب المدمرة، بمساعدة المجتمع الدولي."

نظرًا للعقبات السياسية والأمنية والإدارية أمام مثل هذه الزيارة، من المحتمل أن تظل المطالبة على المستوى الرمزي والطموحي، وفقًا للعميد (المتقاعد) إيلان باز، رئيس الإدارة المدنية السابق في الضفة الغربية. 

هناك ثلاث طرق محتملة لعباس لزيارة القطاع: رحلة مروحية مباشرة بين الأردن وغزة، عبر مصر ومعبر رفح، أو عبر معبر حدودي إسرائيلي. "جميع الخيارات ستتطلب تنسيقًا مع إسرائيل"، كما يشير باز، ومن غير الواضح كيف ستبدو الترتيبات الأمنية والوسطاء لهذه الزيارة. لم يتم تحديد موعد للرحلة.

بالإضافة إلى منع حرب إقليمية أوسع، يُنظر إلى صفقة تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار من قبل اللاعبين الدوليين على أنها بداية لعملية سياسية أوسع يمكن، على مدى الوقت، أن تستعيد حضور السلطة الفلسطينية وشرعيتها في غزة وبالتالي تقدم طريقًا قابلًا للتقدم نحو عملية سلام شاملة.

هذا الشهر، رافق الوزير اليميني المتطرف إيتامار بن غفير مجموعة من اليهود الإسرائيليين الذين تم تسجيلهم وهم ينحنون في ساحة الحرم القدسي/الأقصى في يوم صوم ديني، في ظل وجود الشرطة غير المكترثة.

 وأعلن بن غفير امام وسائل الاعلام أن "سياستنا هي السماح بالصلاة". وتشل تصريحات بن غفير هذه انتهاكا صريحا للوضع الراهن، واضطرت مكتب رئيس الوزراء لإصدار نفي.

 في وقت لاحق من الشهر، أكد بن غفير أن السماح بالصلاة اليهودية هو الآن سياسة. واعترف ببعض القيود على هذا الموضوع، مشيرًا إلى أنه "إذا كنت أستطيع فعل ما أريد"، لبنى معبد لليهود في ساحات المسجد الأقصى، وهو ما أثار موجة من الإدانة من العالم العربي، ونفي آخر روتيني لأي تغيير في الوضع الراهن من قبل مكتب رئيس الوزراء. 

استخدم أعضاء الكنيست المعارضون هذا الحدث للإشارة إلى عدم قدرة نتنياهو على التحكم في شركائه الأكثر تطرفًا في الائتلاف.

يشير مؤسس منظمة "القدس الأرضية" دانييل سيدمان إلى أن ظاهرة الصلاة اليهودية في الموقع قديمة متجددة، ولكن موقف بن غفير وانفتاحه قدما تحولًا: "الوضع الراهن يتآكل منذ سنوات. ما بدأ كغمزة وإيماءة للصلاة اليهودية من قبل الشرطة قد أصبح الآن مؤسسيًا ومفتوحًا. هذا ليس جديدًا. ما هو جديد هو كيفية تسليط الضوء على ذلك بشكل علني من قبل شخص في موقع السلطة."

فيما يتعلق بتصريحات بن غفير حول رغبته في بناء معبد في الموقع، يحذر خبير القدس من تجاهل البيان على أنه غير ذي صلة، وكذلك من أخذه خارج أي سياق واقعي: "أعتقد أن بناء معبد هناك هو بوضوح أمر بعيد ومستبعد. يجب أن نميز بين ما يحدث فعلاً، وما هو مبالغة، وما هو إشاعة غير مسؤولة. ما يجعل هذه القضية فريدة هو أنها وحدها يمكن أن تثير حربًا إقليمية."

سيدمان أيضًا غير متفائل بنفي رئيس الوزراء للتغييرات في الوضع الراهن: "لا يحدث أي من هذا بدون معرفة ورضا نتنياهو."

أعمال بن غفير المثيرة للجدل وتصريحاته أظهرت أيضًا الانقسامات داخل الائتلاف نفسه بشأن قضية الحرم القدسي، حيث أشار عضو الكنيست الحريدي موشيه غافني إلى أنها تجعل حزبه يعيد النظر في عضوية الائتلاف.